Home Ads

السبت، 8 فبراير 2020

كتاب الغصن الذهبي: دراسة في السحر والدين PDF جيمس جورج فرايزر

 
الغصن الذهبي هو دراسة موسعة في الأساطير والأعراف الوثنية، بحث فيها الكاتب الميثولوجي الكبير سير جيمس فرايزر في المعتقدات البدائية فكشف عن جذور شجرة نعيش على أغصانها الآن. واجه كتابه موجة احتجاج واسعة مما اضطره إلى حذف المواد المثيرة للسخط العام.
الأسطورة والوثنية والبدائية عبارات تبدو للقارئ المعاصر منقطعة الصلة بالحاضر ولا تفيدنا بشيء. لكن إذا ما أمعنا النظر في سلوكنا اليومي الآت نجد أنفسنا نمارس عادات لا نعرف اساسها، فنعطيها مبررات سطحية. إذن نحن بدائيون بشكل ما.
في معرض قراءة الكتاب سيكتشف القارئ أن الكثير من العادات والمعتقدات التي نعتنقها الآن هي مجرد استمرار منمق لمعتقدات بدائية يرفضها البعض عندما نعطيها تسميات قديمة وينعتها بالعبث والتخلف، وهم أنفسهم يقبلونها إذا ما ألبسناها الحلة العصرية. ربما ساعدنا هذا الكتاب على معرفة أنفسنا بشكل أعمق عندما نتعرف جذور سلوكنا اليومي.
وهو المرجع الرئيسى فى الأنثروبولوجيا الثقافية الكلاسيكية، والأنثروبولوجيا الكلاسيكية تتضمن الجهود الأولى لجمع ومحاولة تفسير الأساطير والطقوس البدائية، والمادة الأساسية التى اعتمدت عليها هذه الدراسات الأولى كانت القبائل البدائية الموجودة الآن فى عالمنا الحديث كبقايا متحجرة لحضارات قديمة مندثرة، كأصلاء أستراليا والهنود الحمر وإفريقيا، وتمثل كتابات الرحالة الأوروبيين والمبشرين الذين جابوا هذه الأراضى "الغريبة" فى العصور الاستعمارية المصدر الرئيسى لهذه الدراسات. وتختلف الأنثروبولوجيا الكلاسيكية هنا عن الدراسات الأنثروبولوجيا الحديثة، قى النصف الثانى من القرن العشرين، حيث اعتمدت هذه الدراسات الحديثة أكثر على الحفريات الثقافية، فك ألغاز اللغات القديمة واكتشاف الألواح والرقع والبرديات، وحفريات الجثث المدفونة وشكل وعمارة المعابد القديمة من العصر الحجرى الحديث. 1
..
تتمحور الأنثروبولوجيا الكلاسيكية وممثلها الاعظم "جيمس فريزر" حول فكرة الأرواحية، أى اعتقاد البدائى بسيال روحى "مادى" قادر على الانتقال بمؤثراته المادية من شىء لآخر، والاعتقاد بقدرة الإيحاء على حث هذا الانتقال، ومن هذا الاعتقاد نشأ السحر. والسحر هو مجموعة من الطقوس والممارسات التى تهدف إلى غرض عملى مباشر ومحدد، مثل جلب منفعة أو إتقاء أذى، وتقوم هذه الممارسات السحرية على مبدأ من "سحر تجانسى" أو "سحر اتصالى" حيث يتم الإيحاء للقوى الروحية بسلوك اتجاهات معينة عن طريق تمثيل هذه النتائج بالممارسة الطقسية. وبإيعاز من المحاكاة، تتبع القوى هذه الإيحاءات. فيتم جلب المطر، بتمثيل طقسى لمشهد يتضمن عناصر رطوبة وبلل. وجلب الشمس، بتمثيل طقسى يتضمن إشعال النيران. وجلب السمك، بتمثيل طقسى لمشهد إنسان يقفز كالسمكة بداخل شبكة. 2
..
كذلك تعتمد النظرة الكلاسيكية فى هذا الحقل على افتراض حاجز متين وواضح يفصل الإنسان البدائى عن الإنسان المتحضر، يفترض "فريز" أن السحر والدين هما مرحلة بدائية من العلم، فالسحر بكل طقوسه، هو مجرد "علم زائف"، أى انه يحصر كل هذه الطقوس السحرية والدينية فى مجال "علم نفعى" يهدف إلى معالجة بعض المشاكل والاحتياجات المباشرة، وعندما أدى تراكم المعرفة إلى استبدال "علم حقيقى" ب"علم زائف"، أصبحث هذه الطقوس شيئا بدائيا غريبا عن العقلية الحديثة، وتُعتبر آثارها التى تبقت فى قرى أوروبا فى القرون الحديثة، هى مجرد بقايا متحجرة فقدت جديتها. وفى سياق هذه النظرية، يتم تفسير الأساطير كمجرد حكاوى صُيغت فى أزمنة متأخرة، لتفسير طقس قديم تم نسيان أسبابه. 3
..
أصبحت هذه النظرية الكلاسيكية للبدائيين، نظرة رجعية ، بعدما استجدت أفكار جديدة عن الطقوس والأساطير، فالنظرة الحديثة تُسقط هذا الحاجز الوهمى بين البدائى والمتحضر. فالطقوس السحرية، أو الدينية ليست "علما زائفا"، ولا تندرج أساسا فى مجال " العلم النفعى" الذى يهدف لسد احتياجات مباشرة، وإنما نشأت هذه الطقوس فى براح وترف من "الرغبة" لا "الحاجة"، إنها أفعال "رمزية" تربط الإنسان بمجال ما يسمى ب"المقدس". والمقدس هو مجال مفارق لما هو دنيوى، يواجهه الإنسان بحدس مباشر، وتتطلب هذه المواجهة الغامضة رموزا تتمثل فى معادل موضوعى لها يأخذ شكل طقوس وأساطير. وتبعا لهذه النظرة، يتم تناول الأساطير باعتبارها رموزا لمشاعر وأفكار إنسانية بخصوص وضع الإنسان فى الكون، لا باعتبارها حكاوى ملفقة صيغت لتبرير شىء قديم فقد معناه. وبذلك اتخذت الأساطير فى العقود المتأخرة فى القرن العشرين قيمة أكبر. إن "الرغبات البدائية" التى أدت لممارسة هذه الطقوس وتأليف هذه الأساطير ما زالت موجودة ومتأصلة فى النفس البشرية. بلغة أخرى، "البنية الذهنية" للإنسان المتمثلة فى إنتاج هذه الطقوس والأساطير، واحدة لم تتغيربمرور الزمن، وهى واحدة عند البدائى والمتحضر معا، والفارق الذى يميز "المتحضر" عن "البدائى" هو مجرد تطور فى الشكل الإنتاجى للمجتمع، وبالتالى تطور اقتصادى وتقنى يتعلق بقشور، ولم يخدش اللب العميق للبنية الذهنية للإنسان التى ما زالت الرموز القديمة تحتل موقعها الهام بداخلها. 4
..
أما عن كتاب "الغصن الذهبى" فقراءته ممتعة جدا،ومفيدة للإلمام بأصول هذا العلم " "الأنثروبولوجيا الثقافية". والكتاب عبارة عن نسيج واسع متشعب يجمع كم مهول من المعلومات عن الطقوس السحرية والدينية وأساطير الشعوب البدائية فى جميع أنحاء العالم، والتى تم جمعها من مذكرات ويوميات الرحالة والمبشرين، ويمكن إرجاع النظرة المختزلة فى الكتاب لإنسان هذه المجتمعات البسيطة، للنظرة الدونية والمختزلة التى نظر بها هؤلاء الرحالة لهذه المجتمعات فحكوا فقط ما فهموه من هذه الطقوس باعتبارها مجرد ناتج عن الجهل لا أكثر. وتشمل هذا النسيج الواسع المكون من(900) صفحة بعد أن قام المؤلف باختصاره، حبكة ممتعة، حيث يبدأ الكتاب باستفسار معين عن "الغصن الذهبى" الذى اقتطفه إينياس "فى الإنيادة" من شجرة سنديان مقدسة، ونزل به العالم السفلى، فما مرجع الطابع المقدس لهذا الغصن، وما مرجع قدسية "ملك الغابة" الذى كانت سلطته وحياته رهنا بهذا الغصن المقدس؟. يسيح الكاتب عبر 900 صفحة فى حكايات وأساطير وطقوس المجتمعات البدائية عبر كل أنحاء العالم، ليعود فى الصفحات الأخيرة بتفسير كامل لكل هذه الاستفسارات مستمد من النتائج التى استخرجها بجهد متأنٍ دؤوب عبر كل هذه الصفحات


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  • الرئيسية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • اتفاقية الاستخدام