Home Ads

الثلاثاء، 4 فبراير 2020

العقيدة السلفية القتالية الجهادية من الجهاد السلفي الاقليمي الي الاممية السلفية الجهادية pdf



لقد شهد عقد الثمانينات من القرن المنصرم صحوة متميزة في العالم الاسلامي، استبشر بها المسلمون خيراً وهللوا لها وكبّروا. هذه الصحوة التي قادتها عدة جماعات بمصر وعدد من مشيخة البلدان الاسلامية أمثال: الشيخ جميل عبد الرحمن وغيرهم ممن أراد حمل هموم الأمة الاسلامية، والتي انتشرت أفكارهم وتبنتها جماعات عديدة عبر العالم الاسلامي.

واستُقْبِلَت هذه الأفكار على الفكرة والانقياد من طرف شباب عربي مسلم يحركهم الاندفاع الوجداني ويصنع أحلامهم التي ليست في الحقيقة الا استنساخاً سليماً وبريئاً لأفكار عدة مشايخ (كابن عثيميين وابن باز والعريدي..) بكل تفاصيلها الفقهية والدقيقة، والمثقلة بالمنطق الديني الواقعي الوجداني "كما وصلتهم. انهم يمثلون حالة نفسية عقائدية أكثر منها مادية أو سياسية. لقد دأبت أدبيات بعض الباحثين في الجماعات الاسلامية العنيفة على سرد السير الاسلامية، وأحداث التاريخ المختلفة، بكثير من المغالطات التي تلغي من الاعتبار كل الحسابات والاحترازات السننية. ولا أحد يزعم أن الدوافع والظروف كانت متجانسة لدى كل الحالات، فالخاصيات المحلية كان لها إسهامها بشكل أو بآخر، لكن ما يجمع بينهما هو المقاربة الدينية العقائدية التي يحملها من أصبحوا يسمون فيما بعد بـ "الأفغان العرب" فهم خريجو نفس المدرسة التي أخذت شكلها الراهن في أرض أفغانستان، والتي جمعت في نفس القالب مفهومين أحدهما نظري والمتمثل في منهج أهل الحديث (السلفي) في فهم الاسلام، والآخر تطبيقي يتمثل في تبني القتال كأداة وحيدة وواجبة لإحداث التغيير الشامل، ثم جعل الثاني خادماً للأول.

فرغم أن مظاهر السخط الشعبي في العالم الاسلامي كانت على الظلم والاستبداد والاحتلال الأجنبي؛ الا أن الهدف من عملية التغيير الشامل التي تمخضت عن ذلك التزاوج، كان هو استبدال الوضع القائم بوضع يكون فيه المنطلق الفكري السلفي هو الذي يحكم القيم ويرتب الأولويات. لقد أدى ذلك الى افراز جيل من الشباب مشتركون في أعماق الفهم للمقاصد العليا للاسلام، معتمدون كلية على النصر الالهي مع الاخذ بالأسباب والمسببات، والعلم بحقائق التاريخ والجغرافيا والعالم الذي يعيشون فيه. هو خليط من السلفية في عمق الطرح، وفقه الادراك للعالم ومتغيراته، ومن الواقعية الاسلامية في الوعي بالمتطلبات والشروط المادية التي تؤثر بشكل أو بأخر في جدوى وأسلوب تعاطيهم مع الأحداث.

وفي الجزائر، كما في كثير من البلدان العربية الأخرى، وكما سيتم ابرازه وضبطه في فصول هذه الدراسة، اختلطت هذه المعطيات بأمور خارجية في الاستدارة للمسلمين، واستحلال أرواحهم وأموالهم بالشبهة والهوى، وهو أقصى ما بلغته فرق من هذه الطائفة. وإلى هذا فإن الأفغان العرب بالأساس هم خلاصة ما تبقى من المقاتلين غير الأفغان الذين احتضنتهم معسكر بيشاور، وجلال آباد، وقندهار، ومعسكرات الحدود الباكستانية الأفغانية ما بين 1979م و1992م. ووفقاً لما يذهب اليه بعض العسكريين بمصر... "كان الأفغان العرب رغم اختلاف جنسياتهم يشكلون نوعاً من التنسيق فيما بينهم يصل الى ما يمكن تسميته "بالدولة الأممية" أو "الجيش الأممي"،
وبالتالي أصبح لهم وجود مستقل عن دولهم، من هنا تأتي هذه الدراسة التي تكشف عن وقائع الولادة السياسية والشرعية لـ "الأفغان العرب"، طبيعتهم، عقيدتهم ومنهجهم كمقاتلين وتكتيكاتهم القتالية، ومسألة الغزو لديهم، واسترجاع دولة الخلافة الاسلامية... هذا ما أفرزته الحرب الأفغانية... لم يكن متوقعاً أن تتواصل تلك الحرب ليشهد العالم ما سمي "الحرب ضد الارهاب" كمفصل آخر وأخير من المأساة الأفغانية التي عبث فيها الغرب والشرق أيام الحرب الباردة ثم انسحب الطرفان منها كأنها لم تكن ولم تستمر مأساة شعب ذنبه أنه وجد على خط التماس بين جبّارين انهزم أحدهما، تاركاً للآخر، الولايات المتحدة، احتكار حكم العالم. ترك هذا الشعب تائهاً مشرداً فضلّ طريقه الى كابول ليعيد بناء الدولة، ومعهم "الأفغان العرب" تائهون مثله ومشردون. لم يفطن لاعطائهم خريطة العودة. ولم يهتم أحد بتشخيص أي تغيير طرأ على هؤلاء الشباب في عزلاتهم الطويلة القاسية في جبال أفغانستان. ولم يسأل أحد: من هم الذاهبون ومن هم العائدون؟ لم يكونوا فعلاً هم أنفسهم.
تغيروا، اكتسبوا العناد إياه، مغلفاً بالروح "السلفية الجهادية"، التي أضحت نوعاً من المقاربة اليومية للموت. ويمكن القول بأن هذه الدراسة هي أولاً وأخيراً محاولة لتحليل "مواطن الظلم في اتجاهين"، ليس لأفغانستان البلد والشعب فحسب، وإنما للذين حملوا السلاح من أجلها، لتحريرها من الاحتلال أولاً... تغيرت خريطة تمركزهم على الأرض مرات عدة. دقت نهاية الاحتلال نفير العودة، فعاد منهم من عاد وانضوى في حياة شعبه بصعوبة أقل أو أكثر، وانتشر الآخرون حينما كان هناك نداء لـ "واجب إسلامي"، من البوسنة الى ألبانيا، ومن جنوب أفريقيا الى الصومال، ومن بلدان إفريقية أخرى الى الشيشان.

ولدت ظاهرة اسمها "العالمية الأفغانية". وبينهم من رأى أن "الواجب يناديه في بلاده ذاتها، فعاد ليعيث فساداً سواءً في مصر أو في الجزائر، فيما لاحت بؤرة مغرية من السودان الى اليمن الى سواهما. هنا تغير اتجاه الظلم ليحوّل ضد ذويهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  • الرئيسية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • اتفاقية الاستخدام