Home Ads

الأربعاء، 27 أكتوبر 2021

الرؤية الصوفية للجمال منطلقاتها الكونية وأبعادها الوجودية pdf أحمد بلحاج آية وارهام

يتفق بني البشر أن النحت أو الإصطلاح اللغوي من المؤشرات السيكولوجية والإجتماعية على عبقرية العقل البشري، فملكة الترميز عند علامة حائزة تسمو به على عالم الكائنات الدنيا.

فالكون في غياب الرمز مجرد متاهة، كما أن مرجعية الإبداع النصي تكمن في القدرة على البناء اللغوي، أو في خلق النص، لأن المادة اللغوية بشكل خاص، والفكرية بوجه أعمّ معطاة لجميع الأفراد الناطقين باللغة، ولكن التميز داخل المجال اللغوي والتفنن في إنشاء منظومة لغوية تسمح بتنميط المبدع في نسقه الخاص الذي يكون هويته أو وليداً شرعياً لتلك الشخصية، والمطلوب البحثي في هذه الدراسة تحركه الرغبة في تسليط الضوء على صنف أدبي ارتبط وجوده بإصطلاح إنساني فردي، وبلا نهائية الإمتداد، إذ لم تقف دلالات الإصطلاح الجديد عند الحدود التي رسمها لها صاحبها وإن كان الإيحاء الذي إختاره يندّ عن كل تحديد أو تأطير جغرافي، أو تاريخي أو مستقبلي، إنه مصطلح يوتوبيا.

يضع لفظ "يوتوبيا" القارئ أمام جملة من المفارقات الكفرية، أهمها الحضور في مجال الإنسان وفي ميدان العلوم، واللذين يشكلان من حيث الطبيعة حقلين متضادين، ففكرة النموذج والمثال ليست حكراً على الفلسفة أو الأدب فقط بل تكون مطلباً منهجياً في جلّ العلوم.

وإلى هذا، فإن اليوتوبيا في ظل إشكاليتها الزمانية تبدو متمايزة عن غيرها وإن اشتركت في كونها يوتوبيا، إلا أنها في نص الجمهورية لدى أفلاطون تبدو مرتبطة بالمجتمع الأثني وأفقه الفكري، وتنتهج التربية مجالاً رحباً من أجل التغير والتحول بوصفها حلاً لما تعانيه اثينا من إستيراد، إلا أنها في نص الغرابي تأخذ مجالاً أرحب يشمل الواقع الإسلامي إذ زالت الدولة فكان هذا الواقع محرضاً على كتابة الفارابي "المدينة الفاضلة" التي تحاول أن تجمع تناصياً بين الفهم الأفلاطوني والفهم القرآني، وفي إيجاد تحول ممكن في الواقع الإسلامي، كذلك الحال في لحظة ولادة الخطاب اليوتوبي والتأسيس له مع مور؛ إلا أنه كما يرى كامل شياع مختلف مع أفلاطون ومستقل عنه فإشكالية اليوتوبيا مختلفة، فالحاجة إلى الحرية هي الدافع إلى كتابة عن اليوتوبيا بوصفها تقدم فهماً جديداً للدين وعلاقته بالحياة وبالتالي للحرية.

وهذا الأمر يختلف عما هو عليه في عصر التنوير أو القرن التاسع عشر إذ هيمن على القول اليوتوبي في (التاسع عشر) الحث على النظام، ضمن هذه المقاربات يأتي هذا الكتاب الذي يضم دراسات لمجموعة من الاكاديميين العرب في الرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة والتي يطمحون من خلالها إلى دراسة القول اليوتوبي بالمقاربة مع الإيديولوجيا في تناول أفكار مختلفة عن أصل المصطلح وتاريخيته وتحولاته ومن ثم الإضافات التي طرأت عليه، وما علاقته بالواقع والمثال، كما تطرفت هذه الدراسات كذلك إلى سرد لأهم الفلاسفة الذين تناولوا اليوتوبيا درساً وكتابة.

كما مع أفلاطون وأرسطو والقديس أوغسطين وعلم الكلام الإسلامي والفلسفة الإسلامية، ومن ثم في التحول نحو يوتوبيا التحرر في العصر الحديث مع الماركسية، إلى الإنعطاف بها مع مدرسة فرانكفورت، ومن ثم الكشف عن خبايا القول اليوتوبي في الفكر الليبرالي المعاصر في أميركا مع راولز، وكذلك تحليل نوزك لليوتوبيا ولم تقف الدراسات بمعالجات خارجة عن الحيز النقدي العربي المعاصر فجاء بعض من هذه الدراسات حول الكشف عن إعادة النظر في القول اليوتوبي مع القصيمي، وكامل شياع ومحمد خضير.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إلحاق الكتاب بنصوص مترجمة بهدف أغنائه فيكون نافعاً بالقدر التخصصي والمعارف عامة.

سؤال الجمال مؤرّق لكل العقول، ولا يعني طرحه في هذا البحث التناول الفلسفي لماهية الجمال كما فعل الفلاسفةالذين أرّقهم هذا السؤال، ولا البحث عن الأسس التى ينبني عليها الجمال، أهي كامنة في تحقيق الإنسجام الهندسي في الشكل؟ أم في التناسب العددي في الصوت والسمع؟ أم أن الجمال متجاوز كل ذلك،بحيث صار قيمة مطلقة عالية تصطف في مصاف القيم العليا كقيم العدل والحق والحرية والخير؟

شهوة السؤال لا تجعلنا نخضع لإغراءات الخوض مثل هذه الإشكاليات الفلسفية المتداولة، بل سنعبر منها إلى ضفة الاهتمام بتحيين سؤال الجمال داخل نسيجنا الثقافي الصوفي، مستحضرين صورا من تجليات الجمال تساعدنا على تبيين وظيفة الجمال، وضوابطه، وإشكالياته في مجتمعنا المعاصر. هذا الجمال الذي صار اليوم من المفاهيم التي يكثر اللجوء إليها لتمرير أخرى مغايرة بإسم الجمال وخاصة في الميدان العمراني والفني والأدبي والصناعي والإعلامي والتكنولوجي، والإشهاري والتربوي، وهي مجالات تمس في الصميم حياتنا اليومية. ولذا علينا التعرف على مقام الإنسان بين الموجودات، باعتباره كائنا مكرّما ومحترمة حياته، لا يجوز ضخ الدجل والتشويه فيها بأي ذريعة من الذرائع البرجماتية المهيمنة راهنا.



 رابط تحميل الكتاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  • الرئيسية
  • اتصل بنا
  • سياسة الخصوصية
  • اتفاقية الاستخدام